القلق الضار والقلق المفيد: ما الفرق الجوهري بينهما ولماذا هو أمر بالغ الأهمية؟

أنا د. فيكي موبلي، اخصائية علم النفس السریري في مودسلي هيلث، أبوظبي. يشغلني موضوع القلق، كما يشغل بال الكثيرين منا. لكن هل تساءلتم يومًا عن الفرق بين القلق الذي يفيدنا والقلق الذي يضر بنا؟ إن فهم هذا الفرق والحفاظ على توازن صحي أمر حاسم لرفاهيتنا النفسية.

القلق المفيد - درع يحمينا ودافع يدفعنا للأمام

لنتكلّم أولاً عن القلق المفيد.

القلق، (تلك الأسئلة التي تدور في أذهاننا من قبيل ماذا لو؟بحدوده المعقولة، يمكن أن يكون شيئًا جيدًا في الواقع. هي بمثابة إنذار مبكر يحفزنا على الاستعداد للتحديات والتصدي للمواقف الصعبة، كما وإنّ الشعور ببعض القلق في مثل هذه الحالات أمر طبيعي وضروري.

على سبيل المثال، التحقق من حالة الطقس قبل القيام برحلة مشي أو رحلة بحرية هو شكل من أشكال القلق المفيد. فهو يساعدنا على اتخاذ قرارات مدروسة وتجنب المخاطر المحتملة. بعض مشاعر القلق الخفيفة تزيد من يقظتنا وانتباهنا للأمور المحيطة بنا.

HELPFUL Worries

على سبيل المثال، التحقق من حالة الطقس قبل القيام برحلة مشي أو رحلة بحرية هو شكل من أشكال القلق المفيد. فهو يساعدنا على اتخاذ قرارات مدروسة وتجنب المخاطر المحتملة. بعض مشاعر القلق الخفيفة تزيد من يقظتنا وانتباهنا للأمور المحيطة بنا.

في هذين المثالين، يدور القلق حول مخاوف حقيقية وملموسة يمكن معالجتها. القلق المفيد، بشكل عام، يكون بناءً ومؤقتًا. بمجرد حل المشكلة أو اتخاذ الإجراءات اللازمة، يتلاشى القلق تدريجيًا.

القلق الضار: صراع مستمر يهدد راحة البال

لننتقل الآن إلى الحديث عن الجانب المظلم للقلق، ألا وهو القلق الضار.

هذا النوع من القلق يتجاوز الحدود المعقولة، ويصبح مبالغًا فيه وغير منطقي، وغالبًا ما يشعر الفرد بأنه أسير أفكاره القلقة.

قد يدور هذا القلق حول أحداث مستقبلية غير مؤكدة أو مواقف خارجة عن سيطرتنا، حتى بعد بذل كل الجهود لحلها.

يمكن أن يؤدي القلق الضار إلى سلوكيات متطرفة كالإعداد المفرط والتحقق المتكرر من الأمور خوفًا من حدوث أي مكروه.

كما يمكن أن يدفعنا أيضًا لتجنب المواقف الاجتماعية أو تأجيل المهام بسبب المخاوف والقلق غير المنطقيين.

عندما لا يتم التعامل مع القلق الضار، فإنه يستهلك طاقتنا ويمنعنا من الاستمتاع بحياتنا. قد يؤدي إلى أعراض جسدية مزمنة مثل اضطرابات النوم، والصداع، ومشاكل الجهاز الهضمي. في الحالات الشديدة، قد يتطور إلى اضطرابات نفسية مثل القلق العام أو الاكتئاب.

إيجاد التوازن

إذن، كيف يمكننا تحقيق التوازن بين الاستفادة من القلق المفيد وتجنب آثار القلق الضار؟ الجواب يكمن في تعلم كيفية التعامل مع أفكارنا ومشاعرنا بطريقة صحية.

والخبر السار هو أن القلق المفرط، حتى في حال تطوره إلى اضطراب، يمكن علاجه والتغلب عليه.

العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو أحد أكثر العلاجات فعالية في هذا المجال. يهدف هذا العلاج إلى تغيير أنماط التفكير والسلوك التي تساهم في زيادة القلق، مما يساعد الفرد على تطوير استراتيجيات جديدة لإدارة القلق بشكل فعال. في بعض الحالات، قد يوصي المعالج باستخدام الأدوية إلى جانب العلاج السلوكي المعرفي، ولكن هذا القرار يعتمد على شدة الحالة واحتياجات الفرد.

يساعدك العلاج السلوكي المعرفي على أن تصبح مدركًا لأفكارك ويتيح لك الاستجابة لها بشكل أكثر عقلانية، بالإضافة إلى تطوير أدوات واستراتيجيات جديدة أكثر فائدة لإدارة القلق. يمكن أن يساعد العمل مع معالج متدرّب على العلاج السلوكي المعرفي لإدارة القلق في التنقل بين القلق المفيد والضار، واكتساب مهارات مدى الحياة والثقة لإدارة أي شكل من أشكال القلق في الحياة المستقبلية.

خطوات عملية للتعامل مع القلق:

الوعي بالقلق: انتبه إلى اللحظات التي تشعر فيها بالقلق وحاول تحديد طبيعة هذا القلق؛ هل هو مفيد أم ضار؟

الهدوء والاسترخاء: استخدم تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل للحد من التوتر والقلق. تساعد هذه التقنيات على تهدئة الجسم والعقل وتشجع على التفكير بشكل أكثر وضوحًا.

تحدي الأفكار السلبية: لا تصدق كل الأفكار التي تتبادر إلى ذهنك عند الشعور بالقلق. حاول أن تقيّم هذه الأفكار بشكل منطقي واسأل نفسك: هل هناك دليل على صحتها؟ هل هذا التفكير مفيد لك؟

حل المشكلات: إذا كان قلقك مرتبطًا بمشكلة محددة، حاول تقسيم هذه المشكلة إلى أجزاء صغيرة ووضع خطة عمل لحلها.

تخصيص وقت للقلق: خصص وقتًا محددًا يوميًا للتفكير في مخاوفك. هذا يساعد على منع القلق من السيطرة على تفكيرك طوال اليوم.

العناية بالنفس: مارس أنشطة تساعدك على الاسترخاء والاستمتاع بالحياة، مثل ممارسة الرياضة، قضاء الوقت في الطبيعة، أو ممارسة هواياتك المفضلة.

خاتمة

ختامًا، يجب أن نتذكر أن القلق هو جزء طبيعي من الحياة، وبعض القلق يمكن أن يكون مفيدًا. ومع ذلك، عندما يتحول القلق إلى عبء يؤثر على حياتنا اليومية، يجب علينا اتخاذ خطوات جادة للتعامل معه. إذا كنت تعاني من القلق المفرط، أو تعرف شخصًا يعاني، هناك العديد من الموارد المتاحة لمساعدتك. يمكنك البدء بقراءة الكتب والمقالات التي تتناول العلاج السلوكي المعرفي (CBT) وطرق إدارة القلق. هذا النوع من العلاج أثبت فعاليته في مساعدة الأشخاص على التغلب على القلق. إذا كنت بحاجة إلى دعم إضافي، ففكر في استشارة معالج متخصص في العلاج السلوكي المعرفي. يمكن للمعالج أن يقدم لك الأدوات والمهارات اللازمة لإدارة القلق وتغيير أنماط التفكير السلبية.

HELPFUL vs UNHELPFUL WORRY